تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » المبالغة في الأمور : كيف تتجنب أن تكون مبالغًا في حياتك ؟

المبالغة في الأمور : كيف تتجنب أن تكون مبالغًا في حياتك ؟

المبالغة في الأمور مذمومة بطبيعة الحال فقد قالت العرب قديمًا إن الشئ إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، نعلمك كيف تتجنب المبالغة في الأمور هنا.

المبالغة في الأمور

المبالغة في الأمور هو زيادة الشيء عن حده خاصة في المشاعر الإنسانية، بالطبع المشاعر تفيض في اتجاه معين حسب الحدث وإنما زيادة هذا الشعور والخروج عن الحد هو أمر غير مفضل ويضر الإنسان ويغير من تصرفاته في أغلب الأوقات لذا فهو يجدر بأن يكون مرض لأن أضراره وخيمة على تصرفات البشر، لذلك وجب التحكم بالنفس ومواجهة الأمور كلها سواء الجيدة أو السيئة بحكمة ورزانة، بتحكيم العقل وفهم الأمور بطريقة أوضح ومنطقية سليمة، وإليك عزيزي القارئ بعض من المشاعر التي يفشل فيها أغلبنا عند مواجهتها وتحدث مبالغة في الأمور من حيث التقدير والتصرف، وكيفية مواجهة ذلك المرض العقلي.

تعلم كيفية تجنب المبالغة في الأمور

المبالغة في الأمور المفرحة

إن الشعور بالفرح أمر جميل ويعطي أمل وسعادة بالحياة، وبدونه يصير الإنسان كئيب وغير طبيعي نفسياً لأن الإنسان الذي لا يستطيع الشعور بالفرح في سواء لإنجاز لنفسه أو لغيره فهو غير طبيعي، أما المبالغة تحدث هنا عندما يتحول الفرح إلى كارثة من التصرفات الغير حكيمة ويخرج عن طوق الجمال إلى القبح عندما يتم إظهاره بصورة خاطئة، فلنأخذ مثال عند الأفراح: تجد أن في بعض الدول العربية يتم إطلاق النيران في العرس تكريماً للعريس، وهل هذا بفرح أو بطريقة لإظهار الفرح؟! وهل عندما يصاب أحد بطلق ناري هل سيسعد ذلك العروس؟!

كما نلاحظ ذلك بين الشباب حيث يتحول الشعور بالفرح إلى الكثير من المرج والضحك الذي يؤدي إلى سخافة وخفة دم ثقيلة، حد الشتم والسب لمجرد المرح. أو أن يتحول الفرح لحدث معين حدث في حياتك إلى أن يكون هو كامل محور حياتك وتتوقف هنا الحياة عند هذا الحد ويكون هو الحدث الأول والأخير لك في أحاديثك، ولا تفرح ثانية أبداً في حياتك بنفس المقدار وكأن عقلك وقف الحياة عند هذه اللحظة، وهذا غير معقول عزيزي القارئ لأن الحياة تستمر والإنجازات يجب ألا تقف سواء العملية أو على الصعيد الشخصي، فيجب أن تكون متزن في فرحك، افرح بدون أن تؤذي أحد وافرح بهذه اللحظة وكون ذكرى جميلة ولكن لا تجعل محور كل حياتك عند هذه النقطة.

المبالغة في أمور الحزن

بعكس الفرح يكون للحزن النصيب الأكبر حقاً في المبالغة في خروج المشاعر، والحقيقة أن النصيحة في هذا الموضوع لا تجدي خاصة الأمور المتعلقة بفقدان أشخاص أعزاء محببين مثل الأزواج والأبناء والآباء، فيكون الأمر مؤلماً جداً، ويخرج هذا الألم في صورة انفعالات أو حد الوقوع في الغيبوبة، أو إصرار (خاصة النساء) ببقاء في المنزل ولبس الأسود لفترات طويلة أو طيلة الحياة والبكاء واللطم على الخد ونتف الشعر وإلقاء التراب على الرأس، والمنع التام للأكل بعض الأطعمة وغيرها من التقاليد الصعبة.

يمكن لمن يشاء أن يقول في مثل هذه الحالة أن المبالغة في الحزن لا تفيد وأن الفقيد لا يستفيد إلا فقد بالدعوة له، وأن الحياة مستمرة والفقيد كان سيحب أن تكمل حياتك وكلها من كلمات التعزية التي لا تمثل شيء حقاً لذلك الشخص الحزين. فقد ما أقوله اليوم بالنسبة لك أنت المعزي، لا تزيد في إظهار الحزن بقدر كافي حتى تساعد من أمامك جيداً ولا تؤذي سمعه بنهره عن البكاء، قدم المساعدة متى استطعت ولكن اتركه يبكي حتى يهدأ، ولكن لا تكن أبداً مشعلاً لفتيل الحزن بذكر محاسن وصفات الفقيد أمامه فهذا تصرف سيء ومبالغة في إظهار الحزن من جانبك. أما بالنسبة إلى من فقدوا أحبائهم فلا يوجد شخص بالعالم كله يستطيع المواساة بقدر كافي، وإنما فقط الدعوة بالعزاء من عند الله، ومتابعة الحياة حتى مع بقاء الحزن بداخل القلب فقط وليس بالتصرفات الخارجية المدمرة للنفس.

أما باقي المواقف التي تدعو للحزن مثل خسارة مالية أو مشهد سينمائي أو تخلي الحبيب، فهذه الأمور لا تدعو إلى البكاء الشديد والتصرفات السخيفة التي تصل إلى حد الإدمان. إذا خسرت شخص بدون خطأ منك فهو الخاسر، وإذا خسرت المال فهذا يحدث، وإذا رأيت مشهد مؤثر فتذكر أنه تمثيل ليس إلا، الموضوع لا يحتاج إلى المبالغة في الأمور والتصرفات، فالحياة تستمر عزيزي القارئ أما الجلوس والنواح على الماضي فهو يفقدك قوة التقدم للأمام، اعتبر الماضي فرصة لتفادي أخطاء المستقبل، قم من مكانك واستعيد ما فقده بقوة عقلك ولا تظل في خانة الماضي مقيد بضغوط وذنوب وحزن على ما فاتك. خذ الرياضيين قدوة لك فالواحد منهم إذا وقع يقوم ليكمل حتى النهاية، استمع إلى قصص نجاح غيرك بعد الخسائر المؤلمة، فهذا قد يساعدك في النهوض على قدمك، لا تيأس أبداً فالفشل أول خطوة للنجاح وقد يكون أمامك ضربة أخيرة وتهد الحاجز بينك وبين بحر نجاحك وأنت لا تدري.

المبالغة في أمور تقدير المستقبل

من أنواع المبالغة في الأمور ، المبالغة في رؤيتك للمستقبل سواء الرؤية الجيدة وتوقع فيضان النجاح السريع، أو توقع السوء ورؤية عدم وجود أمل وعدم وجود نجاح. فننظر لشاب في بداية حياته المهنية يتوقع الترقية وهطول الأموال عليه كالأمطار، وينسى أن للمثابرة وعامل الوقت يداً في هذه الحياة، فلا نجاح يأتي من يوم وليلة، فقد يتطلب الأمر شهور وقد يتطلب سنين، ولكن المثابرة والاجتهاد أخرهم بالتأكيد نجاح. كن معتدلاً في تقدير الأمور وافهم أنك تحارب الوقت فقد تقصره ولكنك لن تمحي قوته، ولا تجعل توقعك للنجاح السريع يفقدك مثابرتك وقوة تحملك وإرادتك وعزيمتك القوية واعلم أن النجاح أتي.

وعلى النقيض تماماً يوجد الشخص المتشائم، إذا كانت النصيحة للشخص المتفائل بألا يفقد عزيمته سريعاً، فالنصيحة للشخص المتشائم هي أن يتوقف تماماً عن هذا الشيء لأنه ببساطة يدمر أي إمكانية للتقدم، لأنه دائماً يرى أنه الأمر لن ينجح وأن الأمر مخيف، الحياة تحتاج للقوة عزيزي لأنها تأكل الضعيف، نعم هذا بصحيح، والتشاؤم ضعف إن جعلك تتوقف عن العمل في سبيل ما تطمح، عندما تحسب الأمور بالعقل كن عادلاً توقع الأسوأ لتتفاداها في تصرفك فهذا ينم عن حكمة، ولكن إن لم يكن الأمر بيدك من الأساس فلما التشاؤم وتوقع السوء. أنت تصنع حظ نفسك عزيزي ولا يصنعه لك أحد فلا تلقي همك على انتظار ذلك.

بعض الأشخاص يعتقدون في قوة الكلمة التي تخرج من فمك، فكما تقول يحدث لك، ولكن من رأيي الاعتدال أهم لا تتوقع النجاح بشدة ولا تتوقع السوء وكن متقبلاً لأي نتيجة طالما أنت بذلت ما في وسعك ولن توقفك النتيجة مهما كانت عن استمرارك في المثابرة.

المبالغة في الأمور المتعلقة بالخجل

وهنا أنا أرى بعض التصرفات السخيفة التي تفعلها الفتيات في البلدان العربية، أنا لا أدعو للإباحة وفقدان الحياء فهذا مرض يتفشى في مجتمعنا، وإنما نقيض ذلك التام هو مرض نفسي يخسر الفتاة أشياء كثيرة، أمثلة على ذلك: تتجنب بعض الفتيات الحديث مع الخطيب طوال فترة الخطوبة والنتيجة هي انعدام التفاهم التي الذي ينتج عنه مشاكل زوجية والتي كان من الممكن تجنبها، خجل الفتاة في التعبير عن رأيها بصوت عالي ومفهوم فيخسرها رأيها وتحكمها في سير مستقبلها، الخجل من ممارسة بعض الأنشطة والرياضة مما يجعلها في الزاوية.

السبب الرئيسي لضياع حقوق المرأة هو في خجلها الزائد عن الحد واعتمادها على ضعفها الدائم الذي يفقدها أغلى ما تمتلك (عقلها وحريتها)، حاولي عزيزتي أن تتخطي تلك العقبة وثقفي نفسك ودربيها على حسن المحادثة بدون خجل واحتفظي بحيائك الذي يزن جمالك في ذات الوقت لأن الاثنين يمكن أن يتواجدوا في نفس الوقت لو كنتي حكيمة في تصرفاتك وتفكيرك.

المبالغة في الأمور التي تتعلق بالحصول على الحرية

في عصرنا الحديث وبعد تخطي مرحلة الحروب بدأت الشعوب العربية في محاولة للخروج من قوقعة التقاليد خاصة الغير مبررة والتجديد إلى عالم الحرية وممارسة الشخص لرغباته كما يحب، وفي ذلك الطريق نقع حالياً في فجوة عدم الإدراك التام لمعنى الحرية الشخصية، فنجد الشباب والفتيات يريدون تحقيق كل ما يخطر على أذهانهم وباندفاع شديد وعلى النقيض الآباء ينهونهم بالقوة والكبت الشديد، فينتج عن ذلك إما مساوئ أخلاقية وتبجح أو كبت وسيطرة على حرية الأفراد.

الحرية لا تعني إيذاء الغير، وارتداء ما تريد لا تعني العري، وحفاظ الآباء على الأبناء لا تعني كبتهم. الاعتدال في الأمور هو الأفضل، بالطبع من حقك الحصول على ما تريد وتفعل ما تريد، ولكن تذكر دائماً إن وجد أشخاص يعترضون معك فأمامك حل من اثنين إما بالتفاهم لوصول إلى حل وسط أو بالابتعاد عنهم حتى لا تخسرون بعضكم وليفعل كل واحد ما يريد. يعجبني جداً ارتداء النساء لحجاب أثناء زيارتهم لمساجد أثرية، فالحجاب لا يعني لهم شيء وإنما فقط من دواعي احترام خصوصية وتقاليد المكان. وتذكر عزيزي أنك تفقد ما يميزك إذا كررت أن تنسخ كل ما تراه من حريات بالعالم، أنت هو أنت فتصرف على ذلك النحو، إنها أكبر حرية أن تكون نفسك.

المبالغة في الأمور وقت تشجيع الرياضة

في رياضاتنا العربية نعاني من هذا الأمر كثيراً، حد أنه في مصر الآن تقام مباريات كرة القدم بدون جماهير، لأن عند فوز أحد الفرق الكبرى يغيظ الفائز الخاسر، فيبدأ الخاسر بإلقاء الشتائم وتصل حد الضرب والعراك وتدخل الشرطة، فقط لأنه لا توجد روح رياضية. فكرة الرياضة الأساسية هي تقريب الثقافات المختلفة في تنافس شريف، وليست مخصصة لإخراج الغضب والكبت النفسي في الملعب، لا تدع حبك لفريقك المبالغ فيه يدفعك للتعدي جسدياً أو لفظياً أو حتى فقط معنوياً. حبك لفريقك يعني أن تشجعه وقت الخسارة وتفرح لفوزه، هذا هو تعريف المشجع وليس معناه أن يكون بلطجي.

أعظم أمثلة للروح الرياضية نجدها دائماً في الألعاب الأولمبية، فيكون الأكبر والأعظم في اللعبة خبرة، خاسر، ورغم هذا يشجع الأصغر الفائز ويضحكون ويكونوا أصدقاء في غرف الملابس. لولا وجود المنافس لما كان للفوز قيمة، وخسارتك سبب لتحب الفوز وتعمل عليه أكثر.

المبالغة في أمور الإحساس بالألم والمرض

بالطبع المرض أمر يؤلم ويزعج المريض بل ويجعله مرهق لا يتحرك، كل هذه الأمور تُقدر تماماً، ولكني هنا أتحدث عن الإرهاق الطبيعي اليومي، فنجد أن الشخص يتعرض في يومه للقليل من الضغوط، فينفجر غضباً فيمن حوله، وحتى عشرة أيام قادمة يكون حال لسانه “أنا مرهق، لا أستطيع عمل شيء.” “أنتم لا تملكون أي إحساس كيف تطلبون مني أي شيء، ألا تدرون إني مستنفذ.” هذه المبالغة في الأمور أمر يجعل من حولك ينظرون لك بمنظر الإنسان الرقيق الغير محتمل للمسئولية. قد تكون تحتاج لفترة راحة وهذا من حقك ولكن ليس من ذنب من حولك أن تفجر فيهم تعبك.

أمر أخر وهو التوهم بالمرض، فنجد أني لو كتبت حالاً بعض الأعراض وقلت لك إن وجدت هذه الأعراض بك يجب عليك رؤية الطبيب فوراً، أنا أعتقد أن أغلب من سوف يقرأ الموضوع سيذهب للطبيب ويكون الأمر كله مفبرك ومن نسج الخيال. الإنسان يخاف على نفسه من المرض فيتجه إلى المبالغة في الإحساس بالخطر والمرض. توجد تجربة معروفة أجريت على سجين محكوم عليه بالموت، قالوا له أنه سيموت بتصفية دمه، ووصلوا وريد إلى علبة للتصفية، ولكن هذا ما قالوه وإنما هم فقط وصلوا وريد بأخر ففي الحقيقة لم يخسر السجين إي نقطة دماء، لكنه توهم الموت، وبالغ عقله في الاستسلام التام للموت، فظهرت عليه علامات الإعياء وأخيراً الموت. إنها فقط لمحة من قوة العقل.

المبالغة في أمور الحب والكره

سأذكر لك عزيزي بعض الأمثلة لتفهم وجهة نظري في هذا الأمر: شاب يرى فتاة لأول مرة وفجأة يتعلق قلبه بها، ويحارب الجميع بسببها ويتجوزا وهو أعمى تماماً عن كل التصرفات القليلة التي ظهرت في فترة الخطوبة تدل على أنها ليست كما يتصور، ثم يصدم بها بعد الزواج. أم ليس لديها سوى ولداً واحداً أحبته وقدمت له أكثر مما يحتاج أي شاب وتتغاضى بحبها وطيبتها عن أعماله، ليصبح أخيراً إنسان غير مسئول ومنحط أخلاقياً. أب رأى شاب يتقدم لابنته ويحبها جداً، وكرهه من أول نظرة ولم يجلس معه ولا عرفه عن قرب فرفضه تماماً وبدون سبب وجيه، لتخسر معه البنت شريك حياة بامتياز، ثم يزوجها إلى غيره الذي أيضاً لم يعرفه، فأصبحت حياة البنت في جحيم دائم بعد الزواج. كره هتلر في يوم ما تحت ظرف ما شخص يهودي، فقتل ملايين اليهود في واحدة من أكبر الحروب في التاريخ. هذه المبالغة في الأمور سواء في حب أو كره الأشياء والأشخاص هي من تتسبب في عدم القدرة على التحكيم العقلي ومن هنا تسوء الأمور.

المبالغة في أمور مواجهة الإساءة الموجهة

يتفنن البعض في محاولة توجيه الإساءة والتقليل من شأنك، وبسبب حمية الشخص فيقوم للدفاع عن نفسه برد الإساءة وإلى حد استخدام العنف وإن لم يفعل يظل اليوم بطوله، يغلي بداخل نفسه بكيفية حدوث ذلك وكيف له لا يرد الصاع صاعين، يا لها من مبالغة في الأمور، فالأمر عزيزي لا يحتاج إلى كل هذا، من حقك الدفاع عن نفسك ولكن لا تبالغ بتكبير حجم الإهانة، لأن الشخص الذي وجه الإهانة قد يكون لا يعرف أو لا يقصد ما قال، فلا تجعل هدفك القادم هو كيف سترد له إهانته، هذا ليس من الحكمة ولا العقل.

وأفضل طريقة لمواجهة الإساءة هي عن طريق رد السليم بمنطق عاقل وإسقاط الغير ليرى عيب نفسه، لا تقلل من نفسك أنت برد الإساءة بطريقة خاطئة.

المبالغة في الأمور المتعلقة بالمظاهر

السيدات تتفنن في هذا الأمر، فلن تجد سيدة واحدة ترضى عن شكلها أبداً ودائماً يخرجون العيوب في نفسها وغيرها، المبالغة في ممارسة الريجيم القاسي، لأنك فقط لا ترضي عن شكلك وترتدين الوصول لذلك الوزن لدى عارضات الأزياء، ومهما تجملتِ تطلبي المزيد، ومهما كان طول شعرك ترغبين في أكثر، وتشتري ثياب كل فترة قصيرة لحب امتلاك الموضة، ولا نهاية أبداً لاحتياجاتك الخارجية، إنه أمر مريض حقاً، لأنه كلما كنتِ تتقبلين شكلك وجسمك كلما كنتِ أكثر جمالاً. الجمال سيدتي يأتي من الداخل وليس الخارج مهما بالغتِ في تحسينه.

المبالغة في أمور الاعتماد على الغير

احرص جيداً عزيزي على هذه النقطة، لأن من طبع البشر أن يعتمدوا على غيرهم في أداء أعمالهم خاصة إذا وجدوا من يحبهم بالقدر الكافي حتى يبغي إسعادهم. ولكن الاعتماد الزائد والمبالغة في فرض أنك لن تخسره مهما طلبت، أمر يجعل منك ثقيل على من حولك وسوف يرفضونك مع الوقت. الدنيا عطاء وأخذ فلا تفعل واحدة دون الأخرى تعلم ذلك.

المبالغة في أمور الحماية

وذلك يتجلى في تعامل الآباء مع الأبناء، ومن فرط الحب والحماية يمعنون عنهم الجديد من الخروج واللعب والمغامرة. من الطبيعي أن الأطفال يصابون بكدمات وجروح لأنهم يلعبون ويجربون الدنيا الجديدة وهذه الكدمات هي من تعلمهم الحذر مستقبلاً، ولولاها لأصبحوا غير أسوياء ولا شجعان. اسمحوا لأطفالكم بمساحة كافية ليعيشوا طفولتهم ويحبوا الحياة والمغامرات، وكونوا أيضاً قريبين للحماية عند الخطر الحقيقي وبدون مبالغة في فرض الحماية.

المبالغة في أمور الخوف وعلى نقيضه التهور

أستعجب حقاً من هذا الأمر فنادراً ما أجد شخص معتدل، فإما يكن خائفاً من التجارب الجديدة ويمنعه ذلك من كل جديد ويخسره دائماً فرصة جميلة في هذه الحياة، وإما يكون متهوراً ويطلب ما هو جديد حتى أنه لا يحسب حساب للسلامة، ولا للعقبات التي تأتي فجأة.

المبالغة في هذا وذلك أمراً سيئاً، لأن فقدانك لفرص الحياة يجعل منك شخص جبان يخسر نفسه بنفسه، والتهور يجعل من تأمين الحياة في المستقبل هشة وأي تعرض لصدمة تكون ضعيف في تفاديها.

المبالغة في تقدير حجم المصيبة

الحياة تقابلنا يومياً بكثير من المتاعب والمشاكل، فهناك طريقتين للمواجهة، إما بمواجهة الأمر بحجمه الطبيعي والتصرف حسب الموقف بحكمة، أو تهويل الأمر ورؤيته بحجم أكبر من أهميته وتحويله من أمر عادي إلى مصيبة كبيرة لن تحل بسهولة. عندما تواجهك الحياة، قف دقيقة بعد سماع أي خبر وفكر ثواني، هل يستحق الأمر كل هذا أم أنه يمكنه أن يحل ببعض الصبر والتخطيط. الهدوء والروية وعدم الانفعال الزائد يجعل من نفسيتك ترتاح وعلى المدى الطويل ستفهم قيمة الهدوء في حياتك لأنه سيجعل منك شخص أكثر سعادة.

المبالغة في أمور الثقة في النفس

الثقة في النفس تجعل منك شخص مقدام وثابت أمام البشر، ولكن أحياناً الثقة الزائدة تجعلك تقلل من الاهتمام بالعمل أو التخطيط له، لأنك ترى أن لا أحد يستطيع التفوق عليك، فيضيع منك فرصة جيدة بسبب الغرور.

المبالغة في أمور السيطرة

نرى هذا في رئيس العمل، حيث يرى أن في التحكم في الموظفين دليل على قوته وسير الأمور، وإن أخطأ أحد ولم ينفذ ما قيل له بالحرف الواحد، تصبح يومه أسود، ويعتبر الشخص بأنه إن لم يتصرف سيصغر ذلك من مكانته ويفقده زمام الأمور. وهذه المبالغة تجعل من الشخص مكروهاً ويتمنوا الموظفين لو تتم إقالته وتعيين غيره. الاحترام لا يأتي بالشدة والحزم المبالغ بل يأتي من التصرفات التي تظهر بأنك قائد يعتمد عليه، ويستطيع الكل الرجوع إليك لأخذ الخبرة، قد تحتاج في بعض الوقت إلى إظهار الحزم في الأمور ومعاقبة المخطئين، ولكن لا يعني هذا أن تفصل نفسك عن موظفيك، بل كن كالأب قريب ولكن مُهاب.

أخيراً عزيزي القارئ المبالغة في الأمور تأتي من عدم الإدراك الواعي للموقف وتفوق المشاعر على التفكير، ومن هنا تحدث الأمور الكارثية وتفقد التحكم في نفسك وتصرفاتك، وهذا الكلام لا يتعارض مع الانطلاق وإطلاق النفس والمشاعر والحب والحزن وكل المشاعر التي تحدد هويتنا الإنسانية، وإنما تداخل تلك المشاعر والمبالغة فيها وتحولها إلى كونها هي ما تحدد تصرفاتك، هنا المشكلة ويجب أن تدرب نفسك بالتدريج أن تتخطاها إلى عالم التحكم بالنفس والهدوء.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

19 − 5 =