تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » الثرثرة في الكلام : كيف تتخلص من الرغبة الملحة في الحديث ؟

الثرثرة في الكلام : كيف تتخلص من الرغبة الملحة في الحديث ؟

الثرثرة في الكلام من الأمور غير المرغوبة اجتماعيًا على نطاقٍ واسعٍ، رغم ذلك يجد الكثيرون حاجة ملحة للحديث مع غيرهم، فكيف يمكن التخلص من هذا الأمر؟

الثرثرة في الكلام

من العادات السيئة التي يجد بعض الأفراد فيها متعة هي الثرثرة في الكلام أو كثرة الكلام بدون داعٍ، وقد أشارت الأبحاث إلى أن المرأة تتفوق على الرجل في هذا المجال حيث تستطيع المرأة –وفق دراسة بريطانية للباحثة ديانا هيلز- أن تتحدث بمعدل 23 ألف كلمة في اليوم، بخلاف الرجل الذي لا يستطيع التحدث لأكثر من 12 ألف كلمة فقط في اليوم؛ لذلك ارتبطت عادة الثرثرة وكثرة الكلام بالنساء أكثر من الرجال في أغلب الأحيان، وبالرغم من ذلك نجد بعض الرجال الذين يتصفون بالثرثرة وخاصة كبار السن الذين أحيلوا إلى المعاش أو بعض المشتغلين بمهن معينة كالحلاقين مثلا، وقد يشعر بعض الناس بالندم بعد قضاء وقت طويل في الثرثرة وكثرة الكلام مع الآخرين دون أن يسمح لهم بالتعبير عن آرائهم؛ ومن هنا يتناول هذا المقال أهم أسباب الثرثرة في الكلام، وكذلك الأضرار الناتجة عن الثرثرة في الكلام ، وكيفية علاج أو التخلص من عادة الثرثرة في الكلام.

نصائح للتخلص من عادة الثرثرة في الكلام السيئة

أسباب الثرثرة وكثرة الكلام

تشير بعض الأبحاث إلى أن ثرثرة المرأة ترجع إلى هرمون الأستروجين الذي يزيد من قدرة الدماغ على الحركة والتواصل؛ لذلك تستطيع المرأة التكلم والاستماع في آنٍ واحد لامتلاكها اتصالات عصبية خاصة بالكلام فقط تصل إلى نسبة 30%، كما أثبت العلماء أن المرأة تستطيع ثبات الصورة الصوتية لديها بنسبة 90% بخلاف الرجل الذي لا تثبت لدية إلا بنسبة 30% فقط، كما أن دماغ المرأة لديها قدرة على الاستمرار في تحليل ومعالجة وتنسيق المعلومات الواردة إليها بصورة تفوق قدرة الرجل بعدة أضعاف، وفيما يلي أهم أسباب لجوء البعض إلى الثرثرة في الكلام بصفة عامة:

  • الهروب من الواقع: تعد الثرثرة في الكلام –رغم ما تسببه من أضرار ومساوئ لصاحبها- وسيلة من وسائل الهروب من الواقع الداخلي للشخص؛ وذلك بسبب اضطراب المشاعر والعواطف بداخل هذا الشخص وعجزه عن الوصول إلى الاستقرار العاطفي، مما يجعله يلجأ إلى الثرثرة العقيمة كوسيلة لإخفاء المشاعر المضطربة بداخله أو الهروب منها وتجاهلها؛ لذلك يرى علماء النفس أن تضاؤل الثقة بالنفس يزيد من الثرثرة والغوص في الموضوعات التافهة دون التطرق للأمور الجوهرية.
  • قتل الفراغ: أحيانا تكون الثرثرة ناتجة عن الرغبة في قتل الفراغ والخوف من الصمت أو الخشية من توقف المحادثة؛ لذلك يلجأ الشخص إلى الثرثرة لملء الوقت وحماية الذات من شكوك الآخرين أو الخوف من مواجهة الآخرين.
  • جذب الانتباه: قد تكون الثرثرة في الكلام أحيانا ناتجة عن الرغبة في جذب انتباه الآخرين خاصة إذا فقد الشخص ثقته بنفسه معتقدا أن الثرثرة وكثرة الكلام تعوضه عن ذلك وتجذب إليه أنظار أو انتباه الآخرين.
  • التفكير بصوتٍ عالٍ: يحاول كثير من الأفراد تحليل الأمور أو التفكير فيها بصوت عالٍ؛ حيث لا يستطيع ترتيب أفكاره بنفسه دون أن يظهرها للآخرين فهو يجد صعوبة كبيرة في التخيل أو النظر للواقع من منظوره الشخصي.
  • التخلص من المشاعر السلبية: أحيانا يلجأ كثير من الناس إلى الثرثرة في الكلام كوسيلة للهروب من حالة نفسية أو التخلص من المشاعر السلبية التي تسيطر عليه كالغضب أو الحزن أو غير ذلك.

أضرار ومساوئ الثرثرة في الكلام

  • نقل الأسرار: من أسوأ أضرار الثرثرة في الكلام أنها تساعد على إفشاء الأسرار وتناقلها؛ حيث أثبتت الدراسات أن المرأة تتفوق لفظيا على الرجل بالإضافة إلى أنها تعاني من كبت وإحباط مما يتيح لها الفرصة للتعبير عن أحزانها والبوح بأسرار بيتها أو أسرار غيرها والتي يتم تناقلها وانتشارها بعد ذلك.
  • هدم الأسرة: إن الثرثرة في الكلام قد تكون سببا مباشرا لتقويض بنيان المنزل وهدم الأسرة بكاملها خاصة إذا تطرقت إلى أسرار العلاقات الزوجية أو الأهل والجيران مما ينذر بوجود مشاكل عائلية غير محمودة العواقب.
  • نفور الآخرين: إن الشخص الثرثار غالبا لا يجد صديقا أو جليساً إلا مَن يماثله؛ حيث ينفر منه العقلاء الذين لا يستطيعون تحمل الثرثرة لما يعرفون من مساوئها ومخاطرها على الفرد والمجتمع.
  • الأنانية: يتصف الشخص الثرثار بالأنانية والرغبة في السيطرة على الحديث والاستئثار بالنصيب الأكبر منه؛ وبالتالي يحدث التقليد الأعمى من الأبناء للآباء أو الأمهات فينشئون متصفين بنفس الصفات السيئة التي قد يؤدي انتشارها إلى هدم المجتمع فيما بعد.

كيف نعالج الثرثرة في الكلام ونتخلص منها؟

ليس من السهل على أي شخص أن يتخلص من عادة سلوكية رسخت لديه منذ الصغر، ولكن مع العزيمة القوية والإرادة الصلبة واتباع بعض التمارين والإرشادات المعينة يستطيع الفرد التخلص من الثرثرة في الكلام إذا رغب في ذلك، وفيما يلي أهم طرق التخلص من عادة الثرثرة:

  • الاعتراف بالمشكلة: إن بداية العلاج تكمن في الاعتراف بوجود المرض أو المشكلة في حد ذاتها؛ وبالتالي يستطيع الفرد التغلب عليها بسهولة إذا شعر بوجودها.
  • تقوية الثقة بالنفس: يعاني الشخص الثرثار من ضعف أو انعدام الثقة بالنفس مما يجعله يلجأ إلى الثرثرة لجذب انتباه الآخرين؛ وبالتالي ينصح بضرورة تقوية الثقة بالنفس من خلال التركيز على الأعمال والجوانب المضيئة في حياتك مع تنمية المواهب الناجحة التي تميزك والتي سوف تكون السبيل لتقوية أو استعادة ثقتك بنفسك.
  • لا تقاطع حديث الآخرين: لكي تتمكن من علاج الثرثرة في الكلام فعليك أن تكون مستمعاً جيداً، واحذر مقاطعة الآخرين لأي سبب من الأسباب، ويمكنك الرد بعد انتهاء الكلام بأسلوب هادئ عقلاني دون تعصب.
  • اطرح الأسئلة: إذا كنت لا تتحكم في نفسك أو غير قادر على التوقف عن الكلام فاحرص على طرح الأسئلة المفتوحة التي تحتاج إلى إجابة طويلة؛ لكي تدرب نفسك على الاستماع أكثر من الكلام من خلال إبعاد دفة الحديث بعيدا عنك.
  • كن مستمعاً جيدا: يجب أن تقرر بنفسك طريقة العلاج من خلال تعويد نفسك على الاستماع أكثر من الكلام؛ لذلك يجب أن تقرر قبل الجلوس مع الآخرين الطريقة التي ستكون عليها أثناء الحديث.
  • تقييم الذات: احرص على تقييم ذاتك بعد كل جلسة مع أصدقائك، وإذا وجدت تقصيرا أو رغبة جامحة في الكلام فحاول بقدر الإمكان السيطرة عليها في المرة المقبلة مع إصلاح الأخطاء، وبتكرار ذلك تتمكن من علاج أو التخلص من عادة الثرثرة في الكلام .
  • تجنب العناد: احرص على أن تكون ليناً في حديثك مرحاً مع الآخرين، ويجب أن تبتعد بقدر الإمكان عن العناد أو التشبث بالرأي أثناء الحوار مع الآخرين مع الاقتناع بالرأي الصائب؛ لأن العناد والتشبث بالرأي يؤدي إلى الثرثرة ومحاولة إقناع الآخرين بكل السبل.
  • مراقبة الآخرين: إذا لا حظت في عيون وحركات الآخرين الذين يستمعون إليك بوادر الملل أو عدم الانتباه لحديث فحاول أن تختتم حديثك سريعا ولا تحرص على إعادة ما لا تجده مرغوبا لدى الآخرين.

تعتبر الثرثرة في الكلام من الأمراض النفسية التي لا يستطيع علاجها إلا المريض نفسه من خلال اتباع النصائح والخطوات السابقة، وإذا فشلت تلك الخطوات في تخليص الشخص من تلك العادة السيئة فيجب عليه أن يعرض نفسه على طبيب الأمراض النفسية لمساعدته في التخلص من تلك المشكلة وعلاجها، مع ضرورة تجنب الثرثارين أو كثيري الكلام، وقد تناول هذا المقال أهم أسباب اللجوء إلى الثرثرة في الكلام وكذلك أهم أضرارها على الفرد والمجتمع، وأيضاً كيفية التخلص من عادة الثرثرة في الكلام وعلاجها.

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.