تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » أقلام الحبر : كيف تصنع أقلام الحبر وكيف تم اختراعها؟

أقلام الحبر : كيف تصنع أقلام الحبر وكيف تم اختراعها؟

تعد أقلام الحبر ضرورة لا غنى عنها لإنسان العصر الحديث، لكن هل تساءلت من قبل عن كيفية عمل أقلام الحبر ؟ في السطور التالية نتعرف على ذلك بالتفصيل.

أقلام الحبر

أقلام الحبر من أكثر الأدوات استخدامًا في حياتنا اليومية، في كثيرٍ من المجالات، فالقلم يظل يصاحبك منذ أن تتعلم الكتابة مرورًا بمراحل تعليمك المختلفة، ويظل معك وإن لم تكمل دراستك، فهو أداة لا يمكن لأحدٍ الاستغناء عنها. بالطبع يختلف القلم، ويتطور في كل عصر، ولكن تبقى أهميته باقية لا تتغير، حتى مع وجود آلات التكنولوجيا، ووسائل الكتابة الحديثة، مهما تطورت التقنيات، وظهرت البدائل، ولكن تبقى حاجتنا لاستخدام القلم لا تقل أهمية عن حاجتنا إلى استخدام أي من تلك الآلات الحديثة، ومن الجميل أن نعرف أكثر عن أقلام الحبر .

تعرف على كل ما يخص أقلام الحبر

القلم من مخلوقات الله –تعالي-

لقد ذكر الله –سبحانه وتعالى- لفظ “القلم” في القرآن الكريم، أربع مرات، كما ذُكر في الحديث النبوي الشريف، فقد كان القلم من أولى المخلوقات التي خلقها الله –تعالى-، وعلى الرغم من وجود الاختلافات حول ترتيب أول مخلوقات الله، سواءً كان العرش أو القلم أو غيره، ولكن يكفينا في هذا المقام ذكر أنه من خلق الله، وقد خلقه الله ليكتب مقادير الخلق، وهذا القلم يجب أن نفرق بينه وبين القلم (الأداة) الذي نتحدث عنه هنا، فالقلم الذي ذكر في القرآن الكريم، هو من مخلوقات الله تعالي، لا يعلم حقيقته إلا الله، أما القلم الذي نتكلم عنه، ونكتب به، ولا تخفى علينا جميعًا حقيقته، فهو من صنع البشر، وهو وسيلة استخدمها الإنسان قديمًا وحديثًا ليعبر عما يدور في ذهنه، وتطورت أشكاله، وتنوعت أيضًا. فظهرت الأقلام بأنواعها، فمنها أقلام الحبر ، والتي منها السائل، والجاف، وأقلام الرصاص بأنواعها، وغيرها.

أقلام الحبر

قلم الحبر، هو أداة تستخدم في الكتابة، وتختلف أنواعه، منها السائل، والجاف، وأقلام الحبر السائل هي التطور لأقلام الريشة، ويحتوي قلم الحبر الحديث على جزء يسمى خزان، يحفظ بداخله الحبر المسال بالماء، فهو يحتوي على الحبر للكتابة دون الحاجة إلى غمس رأس القلم في حبرٍ خارجي كما في الريشة، وعندما يفرغ من الحبر يُعاد ملئ الخزان مرة أخرى، وكانت أقلام الحبر قديمًا المصنوعة من الريش، أو القصب، وغيرها، تُغمس في أصباغ الحبر المختلفة ليتم الكتابة بها. والحبر الذي تغمس فيه الريشة يوجد في وعاء صغير يسمى “محبرة” أو “دواة”، وكانت المحبرة قديمًا تصنع من قرون الحيوانات، أو الجلد، أو الخشب، أو الفخار، أو أي من المواد المتاحة آنذاك، ثم تطورت لتصنع من المعادن مثل: البرونز، وتوضع داخل المحبرة قطعة من خيوط الحرير أو الإسفنج تسمى “صوفة”، وهي توضع تحت الحبر، حتى تتحكم في نسبة الحبر التي تؤخذ دون أن تكون كبيرة، أوقليلة، ويفضل أن تكون المحبرة ذات فتحة واسعة، محكمة الغلق.

قلم الحبر الجاف

يعتبر قلم الحبر الجاف من أنواع أقلام الحبر المتطورة، وهذا القلم يتكون من أبنوبة تحتوي على سائل مكثف، والذي يتوفر بألوان عديدة، حسب الحاجة، وهذه الأنبوبة تنتهي برأس مدبب به جسم كروي، أو كره صغيرة من الحديد، وهذه الكرة تحتوي على ثقوب صغيرة جدًا، أو أخاديد، وتتصل الكرة مع المادة السائلة، وعند الكتابة يسيل الحبر على القلم بكميات معينة عبر تلك الأخاديد، ويتميز حبر القلم الجاف بأنه يجف سريعًا، كما أنه يمكن التحكم في حجم الخط عن طريق قطر الكرة الموجودة في الرأس المدببة، فعادةً ما تكون 7. ملم، أو 1 ملم. ومخترع قلم الحبر الجاف هو الصحفي المجري “لاديسلو جوزيف بيرو” والذي ولد في قرية بودابست في عام 1899م، وتتويجًا لما فعل أصبحت الأرجنتين تحتفل سنويًا بعيد ميلاده في يوم 29 سبتمبر.

تدرج تاريخي لأقلام الحبر

كان الإنسان قديمًا في حاجة إلى التعبير عما يمر به، وما يجول في خاطره، أيضًا حاجته إلى تسطير وحفظ تاريخه، قد أهدته إلى الكتابة، فعندما كان يكتب أو ينقش رسومًا على جدران المعابد، كان يستخدم دماء الحيوانات ليغمس بها اصبعه ليتمكن من الكتابة، فكانت تلك أشبه بفكرة أقلام الحبر ، فكان حبر “الدم” هو أول حبر يستخدمه الإنسان في الكتابة، فكانت أقلام الحبر قديمًا تأتي في صورة عيدان الخشب، أو ريش الطيور، وكان الكاتب يقوم بغمسها في الأصباغ المتاحة للكتابة، فمثلًا كانت أدوات السومريون في الكتابة هي لوح الطين، والقلم، الذي هو عبارة عن عود من الخشب، فكان يكتب بالقلم الخشبي على لوح الطين قبل أن يجف، ثم يُترك ليجف بوضعه في الشمس، وقد استخدموا بعد ذلك الأغصان الصغيرة، لصنع قلم مدبب، ليكون عونًا لهم للكتابة بطريقةٍ أفضل، فيُكتب به على الطين أيضًا، وفي الحضارة المصرية القديمة، قد استخدم المصريون الأوراق المصنوعة من نبات البردي لتتم الكتابة عليها، واستخدموا نبات القصب، أو السعف، أو الغاب، كأقلامٍ للكتابة، ولكن أفضلها كان القصب، واستخدم اليونان والرومان الأقلام الخشبية لها أسنان مدببة، تغطى بالشمع، وكان ريش الطيور من أكثر أنواع أقلام الحبر استخدامًا، والتي ظهرت عند الإغريق في بلاد اليونان، وأُدخلت إلى أوروبا، والبلاد الإسلامية، وظلت أقلام الريشة أداةً للكتابة، حتى ظهرت الريشة المعدنية، الذي ابتكرها البريطانيون.

ما هو الحبر؟

هو سائل يستخدم في الكتابة، سواءً كانت الكتابة عن طريق الأقلام، أو الريشة، أوالفرشاة، والحبر خليط من المواد الكيميائية، والزيوت والأصباغ، والتحكم في كثافة الحبر يتم عن طريق تغيير نسب هذه المواد، ومن أكثر تلك المواد استخدامًا وهو الخضاب أو أسود الكربون، الذي يتكون من حرق النفط في وجود نسبة هواء معينة، وبهذا يتكون الخضاب الأسود، والذي يختلف لونه حسب المواد، فمثلًا الأحمر يتكون من أكسيد الحديد، والأزرق من اللازورد، وهكذا. وتضاف إلى تلك المواد “عجينة” حتى تساعد على تماسك الحبر، وتجعله ثابتًا على الورقة، وهذا العجينة تصنع من مواد عديمة اللون، حتى لا يتغير لون الحبر الأصلي بسببها، ورائحتها غير نفاذة من “الرايتنج”، وأيضًا يضاف إلى تلك المواد بعض المذيبات من الماء، والكحول، وعندما تتبخر هذه المواد، تجف المذيبات، مما يجعلها ثابتة على الورقة، وهذا الثبات يتم بسبب عملية “الأكسدة” وهذه العملية يتم فيها تفاعل “الرايتنج” مع الأكسجين، ليتحول إلى مادة صلبة على الورق. ومن أقدم أنواع الحبر، وهو الحبر الهندي، أو الصيني، وهذا الحبر يصنع من العاج الأسود والصمغ، أو العاج مع الغراء، وكانت ألوان هذا الحبر تؤخذ من التوت، ولحاء الشجر، وبذور الكتان، وله عدة ألوان مختلفة، منها الأحمر، والأزرق، والأسود، والأخضر، ويرجع هذا الحبر إلى حوالي 2500 عام قبل الميلاد، وكانت الأحبار قبل هذا تصنع من أشجار البلوط.

مخترع أقلام الحبر

يقال أن مُخترع الفكرة الأولى لقلم الحبر ذو الخزان، هو العالم الكيميائي العربي “جابر بن حيان” ولكن في الغرب مخترع قلم الحبر هو “لويس أديسون ووتر مان”  مؤسس شركته المعروفة ووتر مان، الذي ولد في شهر نوفمبر، من عام 1807م، وتوفي في شهر مايو من عام 1901م. لا شك أن قلم الحبر الحديث يختلف عن أقلام الحبر اليدوية، فقلم الحبر يحتفظ بحبره لمدة أطول من الأقلام الأخرى التي تحتاج إلى غمس الريشة في الحبر طوال فترة الكتابة، كما أن الحبر معرض دائمًا لأن يسكب على الورق، والقلم معرضُ لأن ينكسر بسهولة، فقد جاءت فكرة قلم الحبر لدى ووتر مان أثناء عمله الحكومي، وكان يريد توقيع عقد لصفقة ما، ولكن انكسر القلم الذي كان يكتب به، فاشترى قلمًا آخر، ولكنه انكسر أيضًا، كما أن الحبر قد انسكب على الورق، ولم يستطع توقيع العقد لتلك الصفقة، كما أنه خسرها، لذا فقد جاءته فكرة اختراع قلم يدوم لمدة أطول من القلم العادي، وقام بالعمل على أقلامه في ورشة أخيه فرانك، وقام بصنع قلم الحبر السائل في عام 1884م، ونجح نجاحًا باهرًا حتى وصلت مبيعات الشركة في السنة إلى نصف مليون قلم، والآن أقلام ووتر مان لا يعد الحصول عليها بالأمر السهل أبدًا، حيث أن مقتنوها يعتبرونها ثورة، وفي عام 2006م أصبح اسم ووتر مان ضمن أسماء قاعدة المشاهير والمخترعين تتويجًا لما فعل. وقد ظهرت علامات تجارية معروفة أخرى مثل أقلام الباركر، والأستبروك، والتيكو، والشيفرز، وغيرها.

على الرغم من أن البعض يتنبأ بأن القلم سيكون من مخلفات التاريخ ولن نراه إلا في المتاحف التاريخية مثلًا، أو كقطعةٍ أثرية محفوظة في دولابٍ قديم، ولكني لا أعتقد هذا على الإطلاق، فالقلم سيظل رفيقًا للجميع، مهما تعدد أنواعه، وأشكاله، ومهما تطورت التكنولوجيا أكثر، وظهرت طرقًا أحدث للكتابة، فسيبقى القلم صاحبًا لا غنى لنا عنه.

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

2 + 10 =